کد مطلب:306551 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:209

عجب شهدته أسماء


.. لكن شیئاً ظل غامضاً بین عیون الرسول صلی اللَّه علیه و آله و سلم. فقد التفت الی من كانت بقرب الزهراء، حینما اتاها المخاض فبالرغم من كل هذه الافراح والتهالیل و الابتهاج، ما كانت اسماء ملتفتة أو مهتمة، و كأنها فی عالم آخر غیر عالمها الذی تعیش فیه، فهی تبدو شاردة الذهن ساكنة أمیل أن تكون أكثر هدوءاً.

لكنها الآن سابحة بفكر عكّر صفوها.. فنظر الیها الرسول مبتسماً و هو یستحثها علی الكلام- (ماذا یا أسماء)؟!

- (أراك منزویه لوحدك، و كأن شیئاً ما تبحثینه مع نفسك)؟

فأمتقع وجه أسماء ببقع حمراء، واطبقت شفتیها نازة علیهما و ما استطاعت أن تجیب نبیها، لكنها عادت فرفعت برأسها و قد اكتسی محیاها دهشة عمیقة غریبة فقالت:

- (بأبی أنت و أُمی یا رسول اللَّه.. فاننی قد رأیت عجباً من یومی هذا).

فابتدر النبی بسرعة قائلاً لها:- (و ما الذی عجبتی منه یا امة اللَّه)؟!

.. فارتفعت شفتاها المختلجتان اذ قالت بنبرات متقطعات.

- (أننی لم أری لسیدتی فاطمة ما یكون عند النساء فی مخاضهن.. فقد شهدت مولاتی تصلی أول صلاة الفریضة، من بعد ولادتها لسیدی الحسن).

.. فالتمعت عیون النبی بفرحة لا توصف، و ابتسم ابتسامه تفیض حبوراً (كأنه یبسم عن لؤلؤ منضد، أو برد، أو أقاح). فانطلقت الاحرف و الكلمات من مخابئها، و انها لنبرات الحقیقة الجلیة اذ قال صلی اللَّه علیه و آله و سلم والافتخار یعلو محیاه:

- «إن ابنتی فاطمة حوراء آدمیة، لم تحض، و لم تطمث [1] أما علمت ان ابنتی طاهرة


مطهرة لا یُری لها دم فی طمث و لا ولادة».

وعق عن الولید الطاهر.. و ختن لاجراء السنة. ثم تصدقت سیدة النساء بزنة شعر ولدها فضة. (كانت شمائله متسمة بمحیا جده الكریم) [2] .

و حقاً هو كذلك و ان یكاد یطابق اُمه شبهاً. لانها (كانت كابیها، صورة ناطقة القسمات، والملامح فی اجلی بیان).

وامتلأت الحجرة الصغیرة بمناغات طفل یداعبه الملك.

فالحسن الزكی اخذ یكبر فی الیوم كما یكبر الطفل فی الشهر، و فی الشهر كما یكبر الطفل فی السنة.

یكبر فی حضن الرسالة و مهبط الوحی، و مختلف الملائكة.

فتارة یحتضنه من قد زقة رسول اللَّه من العلم زقاً.

و تارة اخری یرتضع من لبن من لم یخالطها إلّا حب اللَّه.


[1] تاريخ بغداد ج 12 ص 331، ابن حجر في صواعقه ص 96، النسائي، ذخائر العقبي ص 44.

[2] الهيثمي في مجمعه ج 9 ص 175، ابن حجر في اصابته ج 2 ص 11، كنزالعمال ج 7 ص 106، الترمذي ج 2 ص 307، صحيح البخاري في كتاب بدء الخلق.